المرسل إليه / الوكيل : الخليفة المهدي (حكم بين 909 و 934)
الحجم : طول: 55 متر ؛ عرض: 75 متر
الجامع الكبير في المهدية عاصمة الدولة الفاطمية، ذو طراز فريد. فهو كالقلعة، يستند جداره القبلي إلى السور البحري للمدينة، وقد تلطمته الأمواج حتى تصدع محرابه العتيق. وقد عرف أحداثا فيها أحرق وهُدّم وأعيد بناؤه مرارا ويتجلى ذلك في بقايا محرابه. يشتمل اليوم على قسمين: قسم وقع تجديده كليا ويتمثل في بيت الصلاة مع الرواقين الشرقي والغربي، وقسم آخر يتمثل في الرواق الجوفي والواجهة الجوفية اللذان بقيا على شكلهما الأصلي الراجع إلى عهد التأسيس. عرف بعد الاستقلال عدة تحسينات شملت المنبر الذي استعملت فيه النقوش والزخارف.
تاريخ المبنى
بداية أعمال البناء عام 303 هجري/ 916 ميلادي
الفترة/الأسرة الحاكمة
الفترة الفاطميّة-الزيريّة (بداية العهد: 297 / 910)
راعي المبنى:
الخليفة الفاطمي المهدي.
شُيِّد جامع المهدية الكبير على نتوء صخري. وقد شُرع ببنائه سنة 916 في عهد الخليفة الفاطمي المَهدي (حكم بين 909 و 934). ولم يتبقّ من ذلك العصر سوى المدخل والرواق الشمالي في الفناء. وبُني كل ما عدا ذلك خلال عمليات الترميم التي جرت في الستينيات.
يتألف المدخل البارز من قوس مكسور متجاوز مستندٍ على عِضاضتَين. وصُمِّمَت واجهة المدخل الخارجية بطابقَين من الكُوّات ذات الأقواس المتجاوزة تفصل بينها زخارف ناتئة. في المنطقة السفلى أتت الكُوّات مسطحة بينما اتخذت شكلاً نصف اسطواني في الأعلى.
هذا المدخل هو أقدم مثال على المداخل البارزة في العمارة الدينية المغاربية. وهو يذكِّرنا بأقواس النصر الرومانية ومداخل الحصون الأموية. وهو عابقٌ بالقيم الرمزية والروحية للمذهب الشيعي[1].(شَكلُ هذا المدخل والدهليز المُقنطَر الذي يليه وصولاً إلى قاعة الصلاة، لا سابق له في العمارة الإسلامية. ويظن عدد من علماء تاريخ الفنون، وهم على حق في ذلك، أن هذه الميزة مرتبطة بالأهمية الكبيرة التي يوليها المذهب الشيعي للإمام الذي يعبر هذا الممرّ). وقد احتُذي حذوُ هذا المثال في العمارة الفاطمية في مصر[2] واستُعير في عدد من الجوامع التي شُيّدت في عهد دولة الموحّدين[3]. أما استعمال الكُوّات كعناصر زخرفية فقد اقتُبس من العمارة الأغالبية والعباسية[4]. إلا أنها استُعملَت هنا لأول مرة في تونس أفريقية، لتنتشر لاحقاً في أرجاء المنطقة[5]. كما نجدها على واجهات أبنية مدينة باليرمو[6] في صقلية التي تعود إلى عهد المسلمين ثم النورمانديين. وانتقلت هذه الزخرفة من صقلية إلى جنوب إيطاليا لتصل إلى الأبنية الدينية في بيزا. ومن جهته، لجأ الفن المُدَجَّن وريث الفن الإسلامي في اسبانيا إلى هذه الكوّات لزخرفة الأبنية المتناغمة: كنيسة Santiago del Arrabal de Toldeo (1245-1247) وكنيسة Santiago de Talavera (القرن الرابع عشر) وبرج القديس لورنزو ساهاغون (القرن الثالث عشر – القرن السادس عشر).
ثمة برجان على زاويتَي الواجهة، استُخدِما كخزانَين للماء وربّما للنداء بالأذان. فعلى غرار أوائل الجوامع والمساجد الفاطمية[7]، ليس لجامعنا مآذن.
مخطط الجامع الكبير الحالي مماثل لمخططه في القرن العاشر. وهو يتخذ شكلاً مستطيلاً، ويتألّف من قاعة للصلاة طويلة يسبقها فناء محاط بأربعة أروقة. وحده الرواق الشمالي أصلي، وهو يتكوّن من دعامات من حجر منحوت تسند أقواساً مكسورة متجاوزة تعتليها قبابٌ متصالبةُ الروافد. أما الأروقة الثلاثة الأخرى فقد بُنيَت خلال حملات الترميم بين سنتي 1961 و 1965. وكان في منتصف الفناء، وفقاً للحفريات التي أُجريَت خلال الستينات، ممرٌّ فريد من نوعه في العمارة الدينية التونسية. وكان هذا الممر مسقوفاً بقباب متصالبة الروافد مستندة على دعامات ذات أقواس، وقد وصل بين المدخل وقاعة الصلاة. هذا وتنقسم قاعة الصلاة إلى ثلاثة أساكيب متوازية مع جدار القبلة وتسعة بلاطات. وسقفها عبارة عن أقواس مكسورة متجاوزة مستندة على أعمدة مزدَوجة.
أما الجناح المحوري الذي يتميّز بأعمدته الرباعية، فيرسم مع الجدار القبلي شكل حرف T الذي يذكّرنا بمخطط جامع القيروان الكبير (836). وقد تم اللجوء لاحقاً إلى هذا الترتيب في العمارة الدينية الفاطمية في القاهرة. وتقاطعُ هذين الدربَين تعتليه قبّةٌ تحتوي المحراب ذا الطراز الزيري. وقد حُفرت في المحراب أخاديد نصف دائرية تعتليها أصداف. أما القبة النصفية في أعلاه فترتكز على قوس بشكل حدوة الفرس يستند إلى عمودَين جانبيَين.
التاريخ
تمّ بناء الجامع على أرض خارجة عن محورها ولكنّها رُدمت ورُفعت فوق مستوى البحر، كما أدخلت على البناية عدّة تعديلات في العهد الزيري بعد سقوط جدار القبلة، وأجريت أعمال أخرى خلال العهد
العثماني، في القرن 11 هجري/ 17 ميلادي.
وقد أعيد تشييد الجامع بين عامي 1961- 1968،بامر من الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة . باستثناء الكنّة والرواق الشمالي اللذين يشكلان حاليا الأجزاء الأصلية المتبقية.
مخطط الجامع الكبير الحالي مماثل لمخططه في القرن العاشر. وهو يتخذ شكلاً مستطيلاً، ويتألّف من قاعة للصلاة طويلة يسبقها فناء محاط بأربعة أروقة. وحده الرواق الشمالي أصلي، وهو يتكوّن من دعامات من حجر منحوت تسند أقواساً مكسورة متجاوزة تعتليها قبابٌ متصالبةُ الروافد. أما الأروقة الثلاثة الأخرى فقد بُنيَت خلال حملات الترميم بين سنتي 1961 و 1965. وكان في منتصف الفناء، وفقاً للحفريات التي أُجريَت خلال الستينات، ممرٌّ فريد من نوعه في العمارة الدينية التونسية. وكان هذا الممر مسقوفاً بقباب متصالبة الروافد مستندة على دعامات ذات أقواس، وقد وصل بين المدخل وقاعة الصلاة. هذا وتنقسم قاعة الصلاة إلى ثلاثة أساكيب متوازية مع جدار القبلة وتسعة بلاطات. وسقفها عبارة عن أقواس مكسورة متجاوزة مستندة على أعمدة مزدَوجة.
طريقة تأريخ المبنى
المصادر التاريخية، مثل ابن عذاري (القرن 7 هجري / 13 ميلادي)، وكذلك المصادر الجغرافيّة، مثل البكري (5 هجري / 11 ميلادي)، تنسب جامع المهديّة إلى الخليفة الفاطمي المهدي. ونرى من جانب آخر أنّ الأروقة الشماليّة والمحراب القديم يعودان إلى العهد الزيري وخاصة عند المقارنة مع أبنية معاصرة ، مثل الجامع الكبير في صفاقس ومحراب الجامع الكبير في المنستير.