السقيفة الكحلة أو باب زويلة هي باب محصن في مدينة المهدية في تونس. أعيد إعمار السقيفة في القرن السادس عشر في مكان الباب الأصلي للمدينة التي دمرها الإسبان عندما انسحبوا من المدينة في 1554م. لا تزال هناك بقايا لجدار مدينة المهدية بارتفاع 10,8 متر. في داخل السقيفة ممر بطول 35 مترا يؤدي إلى المدينة القديمة حيث منطقة التجارة التقليدية والمساجد والمباني والأماكن العامة والمنازل، وفي نهاية المطاف إلى القلقة العثمانية « البرج الكبير« . يتكون الباب من برج يمكن الصعود إليه من بناء متحف المهدية المتاخم للسقيفة، حيث يطل على مدينة رأس إفريقية والمدينة ذات الهلالين وميناء المهدية.
يعتبر باب الفتوح الذي يطلق عليه الاهالي تسمية » السقيفة الكحلة » من اشهر المعالم الاسلامية. و قد شيدت على منواله ابواب القاهرة و خاصة بابي الفتوح و النصر مما يجعل منه حلقة وصل بين الفن العباسي البغدادي و الفن الفاطمي المصري.
يتكون المعلم من برج ضخم شديد الارتفاع ( 18متر) يتوسطه مدخل يؤدي الى سقيفة ممتدة ( دهليز) بطول 33 مترا و عرض 5 امتار يصل السور الرئيسي بالسور الثالث الداخلي.
يكتنف البرج ضلعان يعودان للعهد العثماني و كان يشكل قبل هذه الاصلاحات بناية مربعة تعلوها قاعة ضخمة مغطاة بواسطة قبة تضفي مسحة من القدسية على الخليفة الذي كان يعبر هذا المدخل قبل التوجه الى ساحة القتال.
و يشكل الدهليز تماما مثل طاقات بغداد محورا تجاريا و عسكريا مقسما بستة عقود ساندة مزودة بابواب مصنوعة من صفائح حديدية مصمة لا خشب فيها مزينة باسود من البرونز.
وكُتب في وصف البرج الرئيسي الذي يضم باب زويلة: « وقد جعل في ناحية البر جدار يتقدمه مدخل شاهق على شكل برج منيع ما زال على حالته الأولى. وهو مدخل المدينة الرئيس من جهة الغرب، وهو عبارة عن حصن منيع مدمج بالسور بقي على حالته الأصلية إلى أيام الأتراك في القرن 11 هجري حينما أدخلوا عليه تحويرًا من أجل نظام المدفعية الجديد ».
ويضيف المؤرخون أنه بُنيت في الطابقين الذين فوق الدهليز « غرف ومخازن للسلاح والذخيرة والرجال. أما الدهليز فقد جعلت على جانب منه مصطبة لجلوس الحرس المكلفين بحماية الحصن وقد كان يمر أمام هذا الحصن خندق يجتازه الناس بواسطة جسر متحرك، وقد ردم هذا الخندق منذ أمد غير بعيد ».
وحسبما جاء في كتاب احد المؤرخين الاسبان فإن تسمية باب زويلة بالسقيفة الكحلة يعود الى وجود قبلة ظلماء داخل الممر في حين يرجع آخرون الامر الى اللون الاسود الذي يغطي كل جدرانه ومازال هذا المعلم الاثري بعد مرور مئات السنين منتصبا وسط المدينة وقبلة للسياح الاجانب الذين يأتون الى المهدية للإطلاع على عراقة الدولة الفاطمية.
وعن سر تسمية « باب الفتوح » بـ »باب زويلة »، ذكر حسن حسني عبد الوهاب في كتابه « خلاصة تاريخ تونس » أن عبيد الله المهدي « ابتنى لسائر الناس مدينة أخرى تسمى زويلة وهي إحدى المهديتين.. وجعل الأسواق والفنادق فيها وأدار بها خندق متسعة تجتمع بها الأمطار فكانت كالربض لمدينة المهدية. وكان بخارجها الحمى المعروفة بحمى زويلة، وكان كله جنات وبساتين وبسائر الثمار وأنواع الفاكهة ».
اويتبيّن من هذه الشهادة التاريخية أن الممر الرئيسي بين إحدى المهديتين إلى الأخرى سمي بـ »باب زويلة » والمعلوم أن من طبيعة الأسوار وأبوابها غلق البوابات حماية للمدينة من الغزو، ويُلاحظ حسب عدة روايات تاريخية أن العبيديين كانوا يخشون غارات البر أكثر من خشيتهم غارات البحر لذلك كانت أسوار البر أعلى وأكثر سمكًا.
ومن أهم الشهادات التاريخية حول أسوار المهدية ما وصفه لويس دل مارمول كرفاخال (1520-1600)، وهو عسكري ومؤرخ أسباني عاش سنوات عديدة بين المورسكيين وفي شمال إفريقيا، إذ كتب: « كانت تحيط بها (المهدية) أسوار من الجهة المتصلة بالبر، وكان في هذه الجهة حصن مبني في جدارها وهو سميك الى حد الشريط الناتئ الذي تحيط في أعلاه ستة أبراج متباعدة بعضها عن بعض وهي سميكة هي أيضًا، بارزة خارج السور بأربعين قدمًا الى حد مرمى السهام من الجزء المقوس.. وكانت الأبراج الأربعة في الوسط مربعة الشكل وكان البرجان المواليان للبحر مستديرين عاليين .. وفي البرج المربع الثاني من جهة المشرق كان يوجد الباب الرئيسي، ولا يوجد غيره قط باب من جهة البر، وكانت تعلو هذا الباب قبة معتمة تقع تحت البرج.. وثمة جدار آخر أقل علوًا كان بمثابة نطاق زائد سمكه 12 قدمًا وفيه تسعة أبراج مصممة بدقة كبيرة بحيث تماثل كل ثلاثة منها اثنين من أبراج الحصن، وفي أوسطها باب جانبي ينظر الى جهة المشرق ».